Freitag, 8. Februar 2019

رأي ورؤية في استقلال البلاد الضعيفة :

رأي ورؤية في استقلال البلاد الضعيفة (1) :
في عصرنا هذا تضطر البلاد التي لا تملك قوة سياسية و عسكرية واقتصادية الخضوع للدول الكبرى والتكتلات الدولية .
عصرنا هذا ، كانت مختلف بلاد العالم الضعيفة تلك تخضع وتتبع فيه " حتى قبيل انهيار بما كان يُعرَف بالاتحاد السوفييتي بداية التسعينات من القرن الميلادي العشرين " كل بلاد العالم تنطوي او تغطي تبعيتها وخضوعها للبلاد الأقوى بمزاعم قادتها الاختباء خلف كلمة التحالف . وبعلمنا توزع خضوع كل بلاد العالم آنذاك لأحد ثلاث محاور كبرى حصرا هي إما القطب الأمريكي وإما القطب السوفييتي وإما تكتلك آخر هو الحلف المركب الأضعف بما سمي تكتل دول عدم الانحياز ! .
ولا يستطيع أحد الزعم ان الحلف الثالث ذاك كان مستقلا صرفا ، إنما كان ولاء دوله متدبذبا ، وما أن انهار ماعرف سابقا بالاتحاد حتى شهدنا دوله تضطرب داخليا على نحو سارعت بعضها لتغطية ضعفها بتبعية القطب الأمريكي الذي بدى حتى السنين الأخيرة القطب يبدو القطب الأوحد ، لكن قادتها السياسين غطوا على حقيقة تبعيتها تلك بزعم التحالف وحسب !؟
جل أو كل الزاعمين التحالف مع القطب الأمريكي حتى ساعة كتابة هذا المقال تصاعد مؤشر التضخم لديها الى مستوى انخفضت خلاله قيم عملاتها الى مستويات منخفضة قياسية غير مسبوقة في تاريخها . خذوا مثلا على قيمة الليرة اللبنانية والجنيه المصري والدينار العراقي ، كلها انخفضت قيم عملاتها رسميا الى ست أضعاف كما الجنيه المصري ومئات الاضعاف كما الليرة اللبنانية وآلاف الأضعاف الدينار العراقي ، هذا الى جانب صعود هائل لديونها الخارجية . فديون لبنان قفزت من بضعة مليارات لتصل الى مايفوق الأربعين مليار . أما ديون مصر فقد صعدت من بضعة مليارات الى قريب الستين مليار ، وكل ذلك التسارع لديهما تم خلال أقل من عقدين حتث تاريخ كتابة هذا المقال . وللعلم فإن القاسم المشترك لديها جميعا تبعيتها الطوعية او القسرية للقطب الأمريكي !؟ .
وقد كشفت المجريات والحقائق كون تبعيتها تلك كانت في حقيقتها خضوعا في كل جانب ليس فقط على صعد السياسة الخارجية و " التحالف " العسكري والاقتصاد والإعلامية بل امتد حتى شمل شؤون السياسة الداخلية وأكثر تفاصيلها .. ندعو القارئ للتأمل في تفاصيل الخضوع في تفاصيل ومنعرجات كثيرة على نحو أشبه بخضوع البلد المستَعمَر للقطب المستَعمِر .. فعصا " الحلف !؟ " القطب الأمريكي غطى على استعماره العسكري الجديد بمظاهر سماها المناورات الدورية المشتركة .. وقس على تلك التغطية المضللة مسميات التغطية التجميلية المضللة الكثيرة لتفاصيل أكثر عمقا وتفصيلا ..
وتنجلي خطورة ذلك " التحالف المزعوم !؟ " الأعمق و الأكبر في مظاهر الاضطراب الداخلي الذي انجلى لدى البلاد التابعة باسم التحالف في التغير الديموغرافي للمجتمع وتضاؤل نسبة تركيب الطبقة المتوسطة لديه حتى مستوى الطبقة الفقيرة مقابل ارتفاع نسبة الأثرياء أو ما عرفه بعضهم بحيتان المال واتساع ميادين سيطرتهم ونفوذهم ليشمل حيازتهم واحتكارهم إدارة أو ملكية المرافق العامة كمؤسسات الكهراء والهاتف والحديد بل وحتى شمل نفوذهم وسيطرتهم الصناعات الهامة المكونة للدولة ، بل واتسع جشعهم ليشمل تمويل أحزاب ومراكز مهمة وقنوات إعلامية ، وشبكات الإنترنيت بل وشملت عمليات اخضاعهم بوسائل الضغط المختلفه كتاب ومفكرين كانوا يصنفون حتى حين كتاب وناقدين وباحثين أحرار مستقلين .. !؟ .
وفي خضم ذلك المعترك غير المتكافئ خفتت أو أسكتت أصوات الأحرار الأقلة الذين بدت المجتمعات البشرية لاتخلوا منهم في كل عصر، وهم بانحيازهم الى شرف المهمة شهدناهم إما معزولين مبعدين سياسيا بل حتى عن تقلد المناصب الميدانية المعنية بتخصصاتهم ، وفضلا عن كونهم منبوذين سياسيا فجلهم أو كلهم إما منبوذا مغيبا من قبل إعلام البلد الحلف للقطب الأمريكي وإما ملقى في المعتقلات والسجون وإما مهجّرا طوعا او نتيجة الملاحقات والتضييقات المضنية في منفيا في بلاد المهاجر ..
أثر ولوج البشرية عصر إتاحة وسائل التواصل التقني ، الإنترنيت ، الفيسبوك ، تويتر ، يوبتوب ، وتفرعاتها :
حتى تلك الوسائل لم تنجو من هيمنة حيتان كل بلد تابع للقطب الأمريكي تحت مسمى التحالف . فاستولد الحيتان لمواجهتها شركات وخبراء مراقبة وتتبع وقرصنة وحجب مواقع .. مثال : قرصنة موقع المعارض السعودي في الخارج غانم الدوسري وغيرها من مواقع المعارضين للحكومات التابعة للقطب الأمريكي تحت مسمى التحالف بل امتد او اشتدت شراستها وتجرؤها أكثر مما نضى لتصعيد تهديداتها و اغتيالها معارضين كثر في الخارج ، واستخدام النفوذ الرسمي بمطالبة حكومات بلاد المهاجر لتسليمهم لها المعارضين الأحرار وإعادتهم بوسائل القوة والرشوة والضغوط المختلفة ..مثال اغتيال بنو سعود لشبه المعارض " جمال خاشقجي " وضغوطهم المختلفة الشرسة لاسترجاع الفتاة السعودية " رهف القنون " و تهديد آخر للطالب احمد عبد العزيز ، بعد اشتهار سبق اختطافهم لمعارضين مفكرين وكتاب واعلاميين كبار في السابق ومنهم أمراء ..
بيت القصيد :
القصد يقضي بالمبادرة الى طرح تساؤل : هل للبلاد الضعيفة من مخرج من التبعية ؟ أم هل هناك حل للتقليل من خسائرها و مضاعفاتها ، او هل من مخرج للدول الضعيفة منجأ للاستقلال بشأنها وامتلاكها حريتها و استقلالية قرارها !؟ ..
عصر التكتلات :
لا شك أن صعود نجم أمريكا و امتلاكها مسمى القطب الأقوى كان لخلفيات مكونة دافعة استثنائية قياسا بسرعتها وشمولية تفوقها ، نعم كانت أسباب ذلك استثنائية لهذه الأسباب :
الموقع أو البلد الأمريكي الجديد كان خلال القرون الأخيرة منجأ وملجأ لنخبة الأفراد المغامرين من كل بلاد العالم ومن بلاد النهضة الأوربية خصوصا . تلك " النخبة الكونية " المغامرة الطامحة التي هاجرت للبلد المسمى بكرا " امريكا " كونت طلائع بحاثة عن تنفيذ وانجاز أحلامها وتحقيق طموحاتها البريئة وغير البريئة في بلد " الأحلام " .
قرن النفط :
هو القرن العشرين . كون النفط بمركباته واستخداماته المختلفة المشكّلة أسس الصناعات خلاله كان الهدف الأكبر لتطلعات الدول الغربية لغزو واحتلال البلاد الضعيفة التي كانت مرشحة امثر من غيرها للتنقيب عن النفط واستخراجه واستثماره . وكان هذا الهدف من ضمن ، وليس كل ، أسباب اشتعال الحرب الأولى والثانية ، وشيأ فشيء تعدت واتسعت أهداف الدول المتحاربة آنذاك في حيازة الأذن بحقوق حصرية لاستخراجه وامتلاك صلاحية استثماره الى التخطيط والتنفيذ بالغزو المباشر البلاد المعنية ، إذ لاشك أن الهيمنة وسيلة لضمان وحماية وبقاء البلد المعتي تحت السيطرة بل وقاعدة متقدمة للبحث عن بلاد أخرى مرشحة لامتلاك تلك الثروة ومد النفوذ إليها لذات الأهداف بل وتوسيعها والبناء عليها واستخدامها كمواقع نفوذ استراتيجية لارتباط وتبعية انجاز حيازة النفط للنفوذ السياسي المدعوم بالقوة العسكرية القائم على انشاء واستثمار القواعد العسكرية المتقدمة بالتلويح بالقوة بغية إحراز المزيد من البلاد التابعة .
وأثر تراجع نفوذ المملكة البريطانية العظمى سابقا وتتابع فشل الغزوات الاستعمارية لها وأمثالها فقد استبدلت وسائل الغزو والاحتلال والهيمنة الخشنة المباشرة الى اتباعها وسائل أخرى ناعمة في ظاهرها ناجزة في حقيقتها زهيدة التكلفة في مضاعفاتها ، وهكذا استثمر مسمى التحالف الجميل المبرر غير المنفر داخليا وفي الوسط العالمي .
ومنه استدعت مسؤولية أحرارا المفكرين من كل بلد تلمس أسباب الخلاص من التبعية تحت مسمى التحالف . وهو موضوع المقال اللاحق إذا بقي كاتبه آمنا في مهجره !؟ .
غسان كيالي بن أحمد

Keine Kommentare:

Kommentar veröffentlichen